مدارس التكوين في الذكاء الاصطناعي بالمغرب
يشهد المغرب في السنوات الأخيرة نهضة تكنولوجية متسارعة، تتجلى في الاهتمام المتزايد بالذكاء الاصطناعي والرقمنة كركائز أساسية لتحقيق التحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد الوطني. وفي هذا السياق، برزت مؤسسات تعليمية متخصصة في تكوين الكفاءات القادرة على قيادة هذا التحول، ومن بينها المدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي والرقمنة ببركان والمدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي وعلوم المعطيات بتارودانت. يسلط هذا المقال الضوء على هاتين المدرستين، ويستعرض برامجهما التعليمية، شروط الالتحاق بهما، وآفاقهما المهنية، مما يجعلهما وجهتين رئيسيتين للطلبة الطموحين في مجالات التكنولوجيا الحديثة.
المدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي والرقمنة ببركان: بوابة الابتكار التكنولوجي
تأسست المدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي والرقمنة ببركان، التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة، كجزء من الاستراتيجية الوطنية لتطوير الكفاءات في مجالات الذكاء الاصطناعي والرقمنة. تهدف هذه المؤسسة إلى تكوين مهندسين ذوي كفاءات عالية، قادرين على مواجهة التحديات التكنولوجية ودعم التنمية الاقتصادية من خلال الابتكار في مجالات مثل تعلم الآلة، الروبوتيات، وأمن المعلومات.
النظام التعليمي ومدة الدراسة
يمتد التكوين في المدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي والرقمنة على مدى ثلاث سنوات، يحصل بعدها الطالب على دبلوم مهندس دولة. يجمع المنهج التعليمي بين المعارف النظرية والتطبيقية، مع التركيز على المشاريع العملية والتدريب الميداني في المقاولات الرقمية. تشمل البرامج التدريبية تطوير المهارات الرياضية والتقنية، إلى جانب المهارات الشخصية مثل العمل الجماعي وحل المشكلات.
التخصصات المتاحة
تقدم المدرسة أربعة تخصصات رئيسية تتماشى مع متطلبات سوق العمل:
الذكاء الاصطناعي: يركز على تصميم الأنظمة الذكية، معالجة البيانات الضخمة، والرؤية الحاسوبية.
الروبوتيات وإنترنت الأشياء: يهتم بتطوير الروبوتات وشبكات الأجهزة الذكية.
الشبكات والأمن المعلوماتي: يركز على حماية البيانات وتصميم البنيات التحتية الرقمية الآمنة.
الهندسة المعلوماتية: يشمل تطوير البرمجيات وقواعد البيانات.
شروط الالتحاق
للالتحاق بالمدرسة، يجب أن يكون المترشح حاصلا على دبلوم DEUG، DUT، DEUST، أو الإجازة في تخصصات مثل الإعلاميات، الرياضيات التطبيقية، أو الفيزياء، مع تحقيق ثلاث ميزات على الأقل خلال الفصول الدراسية. تمر عملية الانتقاء بثلاث مراحل: انتقاء أولي بناء على الملف، اختبار كتابي في الرياضيات والإعلاميات، ومقابلة شفوية لتقييم المهارات الشخصية.
الآفاق المهنية
يتمتع خريجو المدرسة بفرص مهنية واسعة، سواء في الشركات التكنولوجية، المؤسسات العمومية، أو مراكز البحث والتطوير. كما يمكنهم متابعة الدراسات العليا أو تأسيس مقاولات ناشئة تعتمد على الحلول الذكية.
المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي وعلوم المعطيات بتارودانت: ركيزة السيادة الرقمية
تعد المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي وعلوم المعطيات بتارودانت، التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، إحدى المؤسسات الرائدة في تكوين المهندسين في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات. تسعى هذه المدرسة إلى تعزيز السيادة الرقمية من خلال إعداد كفاءات قادرة على الابتكار وتلبية احتياجات السوق المحلي والدولي.
النظام التعليمي ومدة الدراسة
يتطلب الالتحاق بالمدرسة اجتياز مرحلة تحضيرية أو الحصول على دبلوم تقني أو علمي. يمتد التكوين لثلاث سنوات، يحصل بعدها الطالب على دبلوم مهندس دولة. يركز المنهج على الرياضيات التطبيقية، الخوارزميات، وعلوم البيانات، مع إيلاء أهمية كبيرة للتطبيقات الصناعية والشراكات الدولية.
التخصصات المتاحة
تقدم المدرسة مسلكين رئيسيين:
الأمن المعلوماتي والثقة الرقمية: يهدف إلى تكوين مهندسين قادرين على حماية البنيات التحتية الرقمية.
علوم البيانات، البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي: يركز على تحليل البيانات وبناء نماذج ذكية.
شروط الالتحاق
يشترط على المترشح أن يكون قد أكمل سنتين على الأقل من التكوين العالي في تخصص علمي أو تقني، مثل الرياضيات أو الإعلاميات. تتضمن عملية الانتقاء انتقاء أولي، اختبار كتابي، ومقابلة شفوية.
الآفاق المهنية
يحظى خريجو المدرسة بفرص عمل متنوعة في مجالات مثل تحليل البيانات، الأمن السيبراني، وهندسة النظم الذكية. كما يمكنهم متابعة الدراسات العليا في مؤسسات دولية بفضل الشراكات الأكاديمية.
لماذا تختار التكوين في الذكاء الاصطناعي بالمغرب؟
يعد الذكاء الاصطناعي من أكثر المجالات طلبا في سوق العمل العالمي، حيث يتوقع الخبراء استمرار النمو في الطلب على المهندسين المتخصصين في هذا المجال. تقدم المدرستان في بركان وتارودانت تكوينا متميزا يجمع بين الجوانب النظرية والعملية، مما يجعل خريجيهما مؤهلين للعمل في بيئات مهنية متنوعة، سواء في القطاع الخاص أو العام.
إضافة إلى ذلك، تساهم هذه المؤسسات في تعزيز مكانة المغرب كمركز إقليمي للابتكار التكنولوجي، من خلال دعم البحث العلمي وتشجيع ريادة الأعمال الرقمية. يمكن للطلبة الاستفادة من الشراكات الدولية التي تربط هذه المدارس بمؤسسات عالمية، مما يفتح أمامهم آفاقا دراسية ومهنية واسعة.
كيف تستعد للالتحاق بهذه المدارس؟
للطلبة الراغبين في الالتحاق بهذه المدارس، ينصح باتباع الخطوات التالية:
تعزيز المهارات الأكاديمية: التركيز على الرياضيات والإعلاميات خلال الدراسة الجامعية.
تطوير المهارات الشخصية: مثل التفكير النقدي والعمل الجماعي.
الاطلاع على متطلبات الانتقاء: زيارة المواقع الرسمية للمدرستين لمعرفة الشروط ومواعيد التسجيل.
الاستعداد للاختبارات: من خلال مراجعة الرياضيات، الخوارزميات، والمهارات الناعمة.
تعد المدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي والرقمنة ببركان والمدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي وعلوم المعطيات بتارودانت ركيزتين أساسيتين في تكوين جيل جديد من المهندسين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات. بفضل برامجهما التعليمية المتكاملة وشراكاتهما الدولية، توفران للطلبة فرصا ذهبية للتميز في سوق العمل الوطني والدولي. إذا كنت تطمح إلى بناء مسار مهني في عالم التكنولوجيا الحديثة، فإن هاتين المدرستين خياران استراتيجيان يستحقان النظر.